اهتمام القرآن باليتيم من الناحية الاجتماعية - جمعية الشام لرعاية الأيتام

اهتمام القرآن باليتيم من الناحية الاجتماعية

اهتمام القرآن باليتيم من الناحية الاجتماعية

15-02-2019

جاء القرآن؛ ليجمع القلبَ إلى القلب، ويضم الصفَّ إلى الصف، ويرسخ قيم المحبة والألفة، والرحمة والعدل، والترابط والتكافل في الأسرة والمجتمع؛ تثبيتًا للمبدأ العام: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]، وينشئ مجتمعًا قويًّا مترابطًا، لا يخاف فيه الضعفاءُ عامة، واليتامى خاصة، ضياعَ حقوقهم، وسلبَ أموالهم أو أكْلها بالباطل.

اليتيم وإن فقد أباه الذي يكفله، وفقد حنان الأب وعواطفه؛ لكنه لم يفقد الرحمة الإلهية، حيث إحاطته بالتشريعات التي تعتني به؛ قال تعالى: {وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [النساء: 36]، وقال تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8]، وقال: {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (14) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ} [البلد: 14، 15]، وقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ} [البقرة: 220].

ورعاية اليتيم والمحافظة عليه لا تقتصر على الشريعة الخاتمة؛ بل كانت في الشرائع السابقة لشرعنا، فمن جملة مواد الميثاق الذي أخذه الله على بني إسرائيل: الإحسانُ إلى اليتامى؛ قال تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ} [البقرة: 83].

شرع الله لليتيم في هذا المجال ما يحقق رعايته كفرد فَقَدَ كفيلَه، فأوصى له بمن يبادله العطف والحنان، والتربية الصالحة؛ ليكون فردًا صالحًا، لا تؤثر على نفسيته حياة اليُتم، ولا تترك الوحدة في سلوكه انحرافًا يسقطه عن المستوى الذي يتحلَّى به بقية الأفراد، ممن يتنعم بحنان الأبوة وعطفها.

ولما كان النبي ﷺ قد نشأ يتيمًا، بيَّن الله- تعالى- له بأنه قد أنعم عليه، وكفله، وأغناه؛ فقال- تعالى-: {أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَآوَى (6) وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى (7) وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 6- 8]، وهذه الآيات الكريمة يُستنبط منها ما يحتاجه اليتيم في الحياة الاجتماعية، فهي بمجموعها تشكل بيان المراحل التي لا بد للأولياء والمجتمع من اجتيازها؛ فاليتيم يحتاج إلى:المسكن الذي يأوي إليه، والتربية الصالحة بما تشتمل عليه من تأديب وتعليم؛ حتى لا يقع فريسة للضلال، والمال الذي يُنفق عليه منه.

وقد جاءت آيات القرآن الكريم لتراعي اليتيم من الناحية النفسية والاجتماعية؛ لينشأ نشأة سويَّة، فأمرتْ بإكرامه والرفق به، ونهتْ عن قهره وزجره وإهانته؛ قال تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ} [الضحى: 9]، وهذه الآية الكريمة خطاب للأمة في شخص النبي ﷺ.