صقر قريش عبد الرحمن الداخل - جمعية الشام لرعاية الأيتام

صقر قريش عبد الرحمن الداخل

صقر قريش عبد الرحمن الداخل

13-01-2019

هو عبد الرحمن بن معاوية بن هشام الأموي, الملقب صقر قريش , وفي المصادر الأجنبية عبد الرحمن الأول.

اسس الدولة الأموية في الأندلس عام 138 هـ بعد سقوط الدولة الأموية بيد العباسيين ,استمر في حكمه لمدة 33سنة ,

هو صقر قريش عبد الرحمن الداخل: صقر قريش، هكذا وصف أبو جعفر المنصور أحد خلفاء العباسيين هذا اليتيم العملاق، سليل الأسرة الأموية، فأمام ما بدى من عظمته لم يستطع الخليفة العباسي إلا أن يتناسى العداوة الطاحنة، والحروب المستعرة بين الأمويين والعباسيين؛ ليعلن أمام حاشيته أن صقر قريش ليس عباسيًّا بل أمويًّا، فمن يا ترى يكون هذا الصقر؟

إنه عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك بن مروان، ولد سنة 113هـ، وما هي إلا سنوات قلائل حتى توفي والده، وهو أحد سادات بني أمية، ليكفله جده الخليفة هشام بن عبد الملك.

وظل هذا اليتيم العملاق زمنًا وهو يرفل في النعمة والترف، إلى أن رفعت الدولة العباسية راياتها السود في خرسان، وبويع أبو العباس السفاح بالخلافة في الكوفة كأول خليفة لدولة بني العباس، وهزم الخليفة الأموي الأخير مروان بن محمد في معركة الزاب الأكبر عام 132هـ، وكان عَمْر يتيمنا العملاق وقتها 18 عامًا تقريبًا.

حينها بدأ العباسيون في قتل من تبقى من أمراء بني أمية وقادتهم، ولكنا يتيمنا العملاق كان من القلة التي استطاعت الهرب من بطش بني العباس، غير أنهم لحقوا به هو وأخيه وطاردوهما، حتى صار جند العباسيين من خلفهما، وصار الفرات أمامها، فما كان لهما من بد سوى القفز في الفرات والسباحة.

وظل يسبح هو وأخوه، ولكن الإعياء والتعب بدأ يدب في نفس أخيه، وصيحات الأمان من جند العباسيين قد أغرته، فعاد أخوه إليهم ليلقى حتفه على مرئى ومسمع من أخيه عبد الرحمن، الذي عبر إلى الضفة الأخرى، ليبدأ رحلة من الشتات والهرب، بين المغرب وشمال أفريقيا، حتى وصل إلى الأندلس.

وفي ذلك الوقت كانت الأندلس تعاني حالة من تمزق وتشتت مقيت بين حكامها من المسلمين من العرب المضرية واليمنية، فكاتب عبد الرحمن الأمويين في الأندلس، ودخلوا في طاعته، وقاتل والي الأندلس يوسف الفهري وانتصر عليه عام 138هـ -أي وعمره لم يجاوز 25 سنة- ودخل قرطبة معلنًا قيام دولة الأمويين في الأندلس، وسمي من يومها عبد الرحمن الداخل.

ولم تنجح محاولات الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور ولا الفهري، ولا حلفائهم من الصليبين من أمثال شارلمان الفرنسي، حتى أن أبا جعفر بدأ في استمالته، وأرسل إليه الرسل، وبلغ به الأمر أن يظهر إعجابه بعدوه ومنافسه في أكثر من موضع.

وفي يوم من الأيام، وبينما كان جعفر المنصور بين حاشيته فقال لهم: أخبروني من صقر قريش من الملوك، من هو؟

قالوا: ذاك أمير المؤمنين الذي راض الملوك، وسكن الزلازل، وأباد الأعداء، وحسم الأدواء.

قال: ما قلتم شيئًا. قالوا: فمعاوية.

قال: ولا هذا. قالوا: فعبد الملك بن مروان.

قال: ما قلتم شيئًا.

قالوا: يا أمير المؤمنين، فمن هو؟

قال: صقر قريش عبد الرحمن بن معاوية، الذي عبر البحر، وقطع القفر، ودخل بلدًا أعجميًّا مفردًا، فمصَّر الأمصار، وجنَّد الأجناد، ودوَّن الدواوين، وأقام ملكًا عظيمًا بعد انقطاعه، بحسن تدبيره، وشدة شكيمته.

يتيم عبر الأنهار والبحار، وقطع الفيافي والقفار، وبنى في الأندلس القصور والديار، وفي سنة 172هـ، وبعد حكم دام ثلاثًا وثلاثين سنة، وأربعة أشهر، وبعد خلافة دامت بعده القرون الطوال، توفي اليتيم الصقر، عبد الرحمن بن معاوية، فرحمه الله، وصدق قول أبي جعفر المنصور فيه: "إن ذلك الفتى لهو الفتى كل الفتى لا يكذب مادحُه".