نلسون مانديلا - جمعية الشام لرعاية الأيتام

نلسون مانديلا

نلسون مانديلا

29-12-2018

هو يتيم صاغ نجاحه في جملة لخَّص فيها تجربته حين قال: "العظمة في هذه الحياة ليست عدم التعثر، ولكن في القيام بعد كل مرة تتعثر فيها".

وُلد هذا اليتيم في "أوماتا" بمقاطعة "ترانسكي" في جنوب أفريقيا عام 1918م، وكان أبوه زعيمًا قبليًّا، وعندما بلغ السنة السابعة من عمره تُوفي والده، لتبدأ رحلته مع اليتم

هاش نلسون في بلاد يسود فيها العنصرية ضد البشرة السمراء، وكونك أسودًا في هذه البلاد يعني أنك سوف تسكن في مناطق لا يسكن فيها سوى السود، وسوف تركب مواصلات لا يركبها سوى السود، وسوف تذهب إلى مدرسة لا يذهب إليها سوى السود، وإذا كبرت وأصبحت رجلًا سوف تقف في طابور الحصول على عمل لا يقف فيه أيضًا سوى السود.

حتى إذا تجولت ليلًا أو نهارًا؛ فستجد من يوقفك ويأمرك بإخراج تصريح مرورك، وإلا تعرضت للاعتقال، وأنك مواطن من الدرجة الثالثة أو الرابعة في هذه البلد، التي تعيش فيها والتي هي بلدك أصلًا، إنها بلدك ولكنك لا تستطيع أن تتملك فيه، أو تدخل برلمانه، أو يكون لك دور في المشاركة في وزارته؛ لأنك أسود.

وبدأ السير الفعلي في خطته من أجل القضاء على تلك العنصرية، حينما هاجر إلى جوهانسبرج عاصمة جنوب أفريقيا، وهناك بدأ الخطوة الأولى، وهي استكمال تعليمه الجامعي، وحتى يتمكن من ذلك فقد عمل في وظيفة كتابية في إحدى الشركات، وفي الوقت ذاته استكمل تعليمه الجامعي، فحصل على شهادة الليسانس في القانون عام 1942م.

ثم انضم إلى المؤتمر الوطني الإفريقي، وهو أقدم تجمع وطني إفريقي ينص دستوره على معارضة العنصرية، ثم بدأ الممارسة الفعلية للمعارضة ضد العنصرية.

وكانت البداية الفعلية في مسيرة النضال في أغسطس عام 1943م، حينما شارك لأول مرة في حياته في مسيرة ضمت عشرة آلاف إفريقي؛ احتجاجًا على زيادة سعر ركوب السيارات العامة المخصصة للإفريقيين، وبعد مقاطعة هذه السيارات لتسعة أيام متواصلة، اضطُرت الشركة المالكة إلى خفض الأسعار؛ مما جعل مانديلا يتأثر تأثرًا شديدًا بهذه المسيرة.

ثم التحق بجامعة "ويتووتر سراند" للحصول على شهادة تؤهله للعمل في المحاماة، وفي هذه المرحلة أيضًا أصبح "لمانديلا" دور بارز في العمل السياسي، وصار له شأن كبير في المؤتمر الوطني الإفريقي، حيث أصبح أحد أربعة نواب لرئيس الحزب، وبالإضافة لعمله السياسي كان يدافع عن قضايا الإفريقين أمام محاكم البيض.

وبدأت مرحلة مقاومة المحتل الإنجليزي عندما استولى البيض على مدينة "صوفيا تاون"، إحدى المدن المخصصة للسود طبقًا لقوانين الفصل العنصري، حتى تم القبض عليه في ديسمبر 1956م، ثم أُطلق سراحه نظرًا لعدم توفر الأدلة على إدانته.

ثم خضع "مانديلا" لاتهامات عديدة، والتي انتهت إلى الحكم عليه عام 1964م بالسجن مدى الحياة، هو وسبعة آخرين؛ ليبدأ مرحلة جديدة وهي مرحلة الصمود، وفي جزيرة "روبن" البعيدة أمضى "مانديلا" 18 سنة في تقطيع الأحجار، وفي عام 1982م تم نقله إلى سجن "بولز مور" في مدينة "كيب تاون".

وكانت الإغراءات قد بدأت تمارس دورها معه؛ للإفراج عنه مقابل إعلانه نبذ المقاومة، والدفاع عن حقوق البيض، وبراءته من أعمال المؤتمر الوطني الإفريقي. وفي الوقت الذي انهار زملاءٌ له أمام هذه الإغراءات، رفض "مانديلا" التنازل عن مبادئه، وما أعلنه أمام المحكمة من استعداده لموت في سبيل تحقيق هدفه، وهو ميلاد جنوب أفريقيا حرة خالية من نظام الفصل العنصري.

واحتاج الأمر إلى 28 عامًا أمضاها "مانديلا" وراء القضبان قبل أن يخرج ويرى نور الحياة، وفي عام 1990م تم الإفراج عنه، وكان التصور أنه سيخرج بقلب مليء بالكراهية والحقد، والتطلع للثأر، ولكن العالم فوجئ بوجهه الطيب وكلماته، حيث كان قد دخل في مرحلته الأخيرة؛ لتحقيق رؤيته ألا وهي جمع الشعب على التوحد.

فقد راهن كثير من البيض على فشل السود، الذين تعددت أحزابهم في التوحد، وعلى أن خلافاتهم ورغباتهم في التزعم سوف تمزقهم، ولكنهم فوجئوا باتفاق 26 رئيس حزب في جنوب إفريقيا على إجراء الانتخابات يوم 27 أبريل 1994م.

ولأول مرة في تاريخ جنوب إفريقيا، يدخل رجل أسود في اللجنة الانتخابية ليدلي برأيه، وكان الفائز كما كان متوقعًا هو "نلسون مانديلا"، الذي أصبح رمزًا وأسطورة يعرفها الملايين في أنحاء