قصة نجاح السيدة الملهمة أم عمر المستفيدة من مشروع أمان للتمكين الاقتصادي
05-11-2025
من الألم يولد الأمل، ومن الإصرار تُولد الحكايات العظيمة
في قرية "نريمان" شـــمال حلب، تسـكن أم عمر، أم لخمسة بنات، تعيش في مأوى بسيط يجمع تحت سقفه ثلاثة أجيال، من بينهم ابنتها الأرملة وأحفادها الصغار. كان البيت صغيرًا، لكن القلوب فيه كبيرة، والأحلام مؤجلة تنتظر لحظة انطلاق.
في أحد أيام الشتاء القاسية، وبينما كانت أم عمر تحاول إشعال مدفأة بالكاد تعمل، همست حفيدتها الصغيرة بسؤال بسيط حمل وجعًا كبيرًا: "تيتا، ما في جبنة اليوم؟" نظرت أم عمر إلى الطفلة وابتسمت رغم الألم، ثم ردّت عليها: "بكرا إن شاء الله، منعمل جبنة بإيدينا." لم تكن تملك يومها لا الحليب ولا الأدوات، لكنها كانت تملك ما هو أعظم من كل ذلك: الإرادة.
بلا تردد، تقدّمت أم عمر إلى فرصة تدريبية ضمن مشروع "أمان"، وتم قبولها لتبدأ رحلة لم تكن تتخيل يومًا أنها ستغير حياتها. دخلت معمل الألبان والأجبان وتعلّمت، خطوة بخطوة، كيفية صناعة اللبن، والجبن، والسمن، بكفاءة ومهارة. لم تكن مجرّد متدرّبة، بل كانت مثالًا في الجدية والالتزام، حتى أصبحت ذات خبرة يُشهد لها.
بمرور الوقت، تحوّل هذا التدريب إلى عمل حقيقي. بدأت أم عمر بإنتاج الجبنة واللبن في ورشة الألبان والأجبان، لم تعد تنتظر المساعدة، بل أصبحت منتِجة، تُعيل أسرتها بكرامة، وتُشعر نفسها لأول مرة منذ سنوات بالفخر. كانت تقول: "أصبحت أملك مهنة، وراتب شهري، وأشعر بالسعادة والفخر. لقد تغيّر حالنا للأفضل كثيرًا."
لكن التغيير لم يتوقف عندها فقط، بل شمل الأطفال أيضًا. فقد حصل أحفادها على كفالات مالية شهرية ساعدت في تأمين الطعام والدواء، وحقائب مدرسية أعادتهم إلى صفوف الدراسة، وملابس شتوية وصيفية منحتهم الدفء والكرامة. كل ذلك كان جزءًا من مشروع "أمان لرعاية أيتام سوريا المدعوم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية الذي لم يكن مجرد دعم مادي، بل كان فرصة لحياة جديدة، ونافذة أمل لعائلة كانت على وشك الانطفاء.
تتحدث أم عمر اليوم بعينين ممتلئتين بالامتنان، وتقول: "الآن حفيدتي لا تسألني عن الجبنة، بل تساعدني في تعبئتها. أتمنى أن يستمر هذا الخير، وأن يكون لهؤلاء الأيتام دخل دائم، حتى لا يُحرموا من شيء، ولا يسألوا يومًا: هل يوجد لدينا جبنة اليوم ؟"
